بسم الله الرحمان الرحيم
الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، وعد الصابرين أن يوفيهم أجرهم بغير حساب، أحمده سبحانه حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا، قال الله تعالى


أيها المؤمنون: خلق الله تعالى الإنسان، وقد يبتليه في هذه الدنيا، قال عز وجل


والصبر هو منع النفس من الجزع، وكفها عن الشكوى من ألم البلوى، وقيل هو : الوقوف على البلاء بحسن الأدب، وسمي الصبر صبرا لأن مرارته على النفس تشبه مرارة دواء الصبر المعروف، والصبر خلق رفيع، وقد جعل الله سبحانه الصبر حصنا لا يهدم، وملاذا لا يثلم, وأمر الله تعالى به عباده، فالصبر هو العطاء الذي لا ينتهي ثوابه، قال تعالى



وهو خير عطاء يعطاه العبد في الدنيا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر»
أيها المسلمون: من اتخذ الصبر طريقا له بلغ منازل الآخرة، فهو كما قال صلى الله عليه وسلم :« والصبر ضياء» وللصبر أنواع، فصبر عن المعاصي، وصبر على الطاعة، وصبر عند الشدائد، وقد قال الله تعالى آمرا بالصبر على الطاعات


وقد قيل : الصبر عن معصية الله أهون من الصبر على عذاب الله. فطوبى لمن اجتهد فيما أمره الله تعالى، واجتنب ما نهاه عنه، وآثر الآخرة على الدنيا، ونهى النفس عن الهوى، وأمسك عن الشهوات، وقهر النفس بترك الزلات والسيئات، فيكون متصفا بالصبر عن معاصي الله تعالى.
عباد الله: وأما الصبر على البلاء والابتلاء، فالسعيد من اغتنم الحكمة من الابتلاء فصبر، قال تعالى


فاللهم ارزقنا الصبر وجملنا به، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، قال الله تعالى

فهناك علاقة قوية بين عدم الغضب والصبر، فالصبر يؤدي إلى الأخلاق العالية، والمعاملة الراقية، ومن لزم الصبر في حياته أجر، وأحسن إلى آخرته، قال تعالى

هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون)