الخطبة الاولى
يحكى أن رجلا غريبا دخل مقبرة قرية فدهش مما كتب على القبور : فلان عاش 5أيام/ هذا قبر زيد عاش10 أيام /فلانة عاشت 5أيام ونصف إلخ ....فلما سأل عن ذلك قيل له:" نحن نحسب أعمارنا بأيام السعادة التي عشناها فقط" / ابتسم الرجل وقال لهم :"إذا مت بينكم فاكتبوا على قبري :فلان مات قبل أن يولد/ فإني لا أعرف من السعادة إلا اسمها"
الجميع يبحث عن السعادة ولكن لا أحد يدركها كاملة لأن ربك يقول :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَد )ٍ يقول المفسرون كبد يعني مشقة ومعاناة/ لا تكتمل سعادته إما بسبب المرض أو الفقر أو المشاكل أو الهموم / فإن أفلت الإنسان من هذه جميعا، فلن يفلت من الهرم والموت/ ( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا )
وإذا مات قالوا (ارتاح) / لا والله غير صحيح/ إذا مات ابن آدم قامت قيامته وبدأ السؤال ثمّ الحساب/ / قيل لأحمد بن حنبل :" متى الراحةُ؟ قال:الراحة تبدأ إذا خلفت جسر جهنّم وراءك ووضعت قدمك في الجنةِ. "
*في الجنة تختفي كل المنغصات والمكدّرات/ لا مرض /لا تعاسة / لا شيخوخة/ لا موت /قال-ص- :" إذا دخل أهل الجنةِ الجنة ينادِي منادٍ: إن لكمْ أن تَصِحُّوا فلا تَسْقموا أبداً /وإن لكم أن تَحْيَوْا فلا تموتوا أبداً/ وإنَّ لكم أن تشِبُّوا فلا تَهرموا أبداً وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً
قال الصحابة :يا رسولَ الله حدِّثنَا عن الجنةِ ما بناؤُهَا قال: « لَبِنَةٌ ذهبٍ ولبنةٌ فضةٍ، ومِلاطُها المسكُ، وحَصباؤها اللؤلؤُ والياقوتُ، وترابَها الزَعفرانُ "
وما طعام أهل الجنة ؟
يقول رب العالمين:" (و لهم فيها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون)
إذا اشتهيت أي طعام في الجنة ،فلن يكلفك ثمنا ولا تعبا/ الفاكهة تقترب من يدك/{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } يأكل منها القائم والقاعد والمضطجع/ ويرى أحدهم الطير في السماء فيشتهيه ، فإذا به يسقط بين يديه ناضجاً شهياً (ولحم طير مما يشتهون) /
وما شرابها؟
وأما شرابهم ، فحدث عن الكافور والسلسبيل ، والتسنيم والزنجبيل .. وعينان تجريان .. وعينان نضاختان ويصف الله أنهار الجنة وهي تجري بالأشربة اللذيذة فيقول : { فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى )
وأين يذهب طعامهم وشرابهم؟ لا تظن أن مآله يكون كطعامنا وشرابنا .. بل يخرج مسكا رشحاً وعرقاً من أجسادهم ، وجشاءً من أفواههم/
ومما لباس أهل الجنّة ؟
قال تعالى * عَالِيَهُمْ *أي فوقهم * ثِيَابُ سُندُسٍ * أي الحرير الرقيق *خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ * وهو ما غلظ من الحرير* وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وكما قال-ص-" مَنْ يدخلُها.... لا تَبْلَى ثيابه ولا يَفْنى شبابُه »، رواه أحمد والترمذي
تسأل عن المسكن ؟
بني الله لأهل الجنة مساكن طيبة كما قال (وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَناتِ عَدْنٍ ) ويصف لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه القصور، فيقول: ((إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرُها من باطنها، وباطنُها من ظاهرها..) لمن هي يا رسول الله؟ /يقول –ص- (.. أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)/ صعبة؟/ جرّب هذه : (من بني لله مسجداً، ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتاً في الجنة)..صعبة هي كذلك؟ ألا إن سلعة الله غالية .../ رأى عمر بن الخطاب ( ر.ض ) أحدهم وقد نقر ركعتين عند الكعبة,ثمّ رفع يديه يدعو:" اللهم أدخلنى الجنة وزوجنى من الحور العين"/ فاقترب منه وقال له:"يا هذا،قد أغليت العروس وأرخصت المهر" (أي تريدها جنة بلا عمل )
تسأل عن مركوب أهل الجنة؟ :
قال رجل يا رسول الله ، هل في الجنة من خيل؟ فقال صلى الله عليه وسلم : إن أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تُحمل على فرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت إلا كان .. ثم جاء آخر فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من إبل؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بجواب يعُمّ جميع المركوبات فقال : إن يدخلْك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك (رواه الترمذي وحسنه الألباني)
تسأل عن الزوجة؟
قال سبحانه:" ((وزوجناهم بحور عين) يصف –ص- إحداهن فيقول :"لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً (أي ما بين المشرق والمغرب يعج بريحها الطيب ) ، قال :ولأضاءت ما بينهما / ولنصيفُها على رأسها (أي خمارها) خير من الدنيا وما فيها ) رواه البخاري
تسأل عن الجار؟
يقول الشاعر:
النَّفْسُ تَطْمَعُ في الدَّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ ................ أَنَّ السَّلامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيْهَا ............ .فلا تَأْسَفَنَّ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا....................... فَالمَوْتُ لا شَكَّ يُفْنِيْنَا وَيُفْنِيْهَا........... واعمل لدار غدٍ رضوان خازنها ...................والجار أحمد والرحمن بانيها ..
تخيلت الجنة؟/ تصورت كل هذا النعيم المقيم؟/ امسح الآن الصورة تماما من بالك/ فما تخيلته ليس شيئا من الجنة/ الجنة فوق كل ّما خطر ببالك اسمع لمبدعها يقول على لسان رسوله:" ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر)/
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة/اللهم إنا نسألك جوار الحبيب في الفردوس الأعلى من الجنة برحمتك يا رب(2) وبفضلك ومنّك يا أكرم الأكرمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين///
وأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ-2-
الحمد لله رب العالمين وبه أستعين/ والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه الطيبين/ اللهم استعملنا ولا تستبدلنا واجعلنا خيرا مما يظنون واغفر لنا ما لا يعلمون /
قيل لأحد الصالحين :" صف لنا نعيم الجنة قال: فيها رسول الله ﷺ/ نعيم ان تنظر في وجه رسول الله/ أن تسمع صوت رسول الله/ ان تجلس وركبتك إلى ركبة رسول الله/
أكبر مشروع يجب أن تخطط له هو دخول الجنة / ودخول الجنة لا يكون بالتمني بل بالعمل بعد رحمة الله (... ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) /
{.... حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا .... ) ثمانية أبواب/ يصف لك الحبيب عظمتها فيقول:" ((إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة,وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام))/اسمع عُلٌوّ الهمة ... قال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ... فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟( مش أعطيني تريكنة في الجنة يزّي) قال: نعم ، وأرجو أن تكون منهم"
وعمل أبو بكر بجد ليكون منهم/ سأل النبي أصحابه ذات يوم «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه :أَنَا. قَالَ:«فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه :أَنَا. قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه :أَنَا. قَالَ:«فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا»؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه :أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
*افعلها ولو مرة في الشهر /في السنة /في عمرك افعلها وأنت ترجو أن تكون مدخلك إلى الجنة/
قد تكون لكم أعمال صالحة كثيرة ولكن اجعلوا لكم عملا تطمعون به أن تفتح لكم به أبواب الجنة ويقال لكم: (..... سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }
ذات يوم عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ سأل –ص بلالا: ( يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ ) قَالَ: " مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي : أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا ، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ "وفي رواية الترمذي:" مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ صَ: (بِهِمَا) " .
( ولا تحقرنّ من المعروف شيئا ) فقيمة العمل بقدر ما فيه من إخلاص/الأعمال كلها أصفار والإخلاص هو الرقم الذي يعطيها قيمة/ أبو أيوب السختياني كان رجلا صالحا وكان له جار سكير عربيد / نصحه واستتابه فلم ينجح فتركه/مات هذا الجار، قالوا: يا أبا أيوب تعال لتصل عليه، قال أبو أيوب: ليصل أحدكم، عليه / صُلي عليه ودُفن / وفي نفس الليلة رآه أبو أيوب في رؤيا على أنهار الجنة/ فقال له أبو أيوب: عجبا ما الذي أوصلك إلى هذا المكان؟ قال:" يا أبا أيوب.. لو كنت أنت من الذين يملكون خزائن رحمة ربي إذن لأمسكت خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا
استيقظ أبو أيوب وأرسل زوجته تسأل زوجة جاره عما كان يصنع زوجها؟ قالت: ما كان يصنع إلا ما كنتم ترونه إلا أنه كان كل ليلة جمعة يجمع يتامى الحي.. ويطعمهم بيده ويمسح على رؤوسهم ويقول: "ادعوا لعمكم عسى أن يغفر الله له" / قال أبو أيوب " فبهذه / فبهذه / فبهذه "
تُفرّج كربة مسكين وهو لا يعرفك/ تُسدد ديْن مدين وهو لا يدري من سدّد عنه/ تعول أرملة سرا / تكسو يتيما وهو لا يعرفك /
كما أن لك ذنوبا لا يعلمها إلا الله ، اجعل لك خبيئة من عمل صالح لا يعلمه إلا الله وقل: يا رب برحمتك أولا ثم بهذا العمل الصالح افتح لي بابا من أبواب الجنة/
يا رب/ يا حنان يا منان / يا كريم /اللهم كما رزقتنا الاسلام من دون ان نسألك فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك/ اللهم لا تحرمنا من جوار حبيبك في الفردوس الأعلى واسقنا من يده شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا يا رب العالمين/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لكم