¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ مدونة إسلامية للسيد* مصطفى عماد بن الشيخ الحسين * تالمست المغرب
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

2018/10/07

خطبة الجمعة الواتــــــــــــــس آب

Print Friendly and PDF




بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الاولى
الحمدُ للهِ الذي خلقَ كلَّ شيءٍ فقدره وعلمَ مَوردَ كلَّ مخلوقٍ ومصدره وأثبتَ في أمِّ الكتاب ما أرادهُ وسطَّره فلا مؤخِّرَ لما قدمهُ ولا مقدمَ لما أخره ولا ناصرَ لمن أخذلهُ ولا خاذلَ لمن نصره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرد بالملكِ والبقاءِ والعزةِ والكبرياءِ فمن نازعَهُ في ذلك أحقره , الحيُّ القيوم فما أقومه بشؤونِ خلقهِ وأبصره أشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أوضح سبيل الهداية ونَوّره صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الكرام البررة وعلى التابعين لهم بإحسان ما بلغ القمر بدره وسرره وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد أيها المسلمون :
المخرجُ إذا ضاقت الامور وخيفَ المحجور والحِصنُ من الشرور تقوى الرحيم الغفور {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} .فاتقوا الله تعالى يا عباد الله بتعظيمهِ وطاعتهِ واجتنابِ معصيته { يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أيــــها المؤمنــــــــون :
كم لله من نعمةٍ نتفيؤا ظِلالها ونتقلبُ في أعطافها في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه وسائل الراحة وتنوعت فيه الملذات وتسارعت فيه التقنيات لاسِيّما في مجال الاتصالات إذ شهدت تطورا عجيبا وتسابقا غريبا وإن هذه التقنيات وتفاصيلها المبهرة هي قطرة من علم الله عزوجل الذي تفضل به سبحانه على البشر { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا }
ومن أبرز تقنيات الاتصال في زماننا تقنية الهاتف النقال الذي أصبح مُشاعا في أيدي الناس ، الصغير والكبير ، فكان لأناس نعمة ولآخرون نقمة ، به التواصل وبه التقاطع وبه نشر الخير وبه بث الشر ، أفرح وحزن وأضحك وأبكى دل على الطاعات وأوقع في السيئات لذا كان الحديث عنه مهما والتنبيه حوله ملحا .عبـــــــــــــاد اللــــــــــــــه :
وإن من أجدر ما ينبه عليه هو خدمة الرسائل (الواتس آب) التي ماجت ببعض الناس وألهتهم وأسرتهم فابتلينا بأخبار مكذوبة ، مفزوعة أو مبشرة وبأحاديث موضوعة مخترعة لم تصح عن النبي صلِ الله عليه وسلم وبأوقات تهدر في غير نفع ولا فائدة في دينه ودنياه .إن أدب الرسائل خلق شمله الاسلام بأصوله الشرعية وقواعده المرعية التي تحكم تصرفات الناس القوليه والفعلية ، فيجب التَمَثّل بما جاء به ديننا القيم النبيل الذي يدعو الى أحسن الاخلاق وأرقاها وأكملها وأنقاها ومن ذلك عباد الله يجب على المرسل التثبت من الاخبار والاحكام قبل إرسالها وليستحذر المرسل أن رسالته ربما تداولتها الايدي وانتشرت في الافاق فله ظُلمها وعليه غرمها فلينظر ماذا يحب أن يُنقل عنه او يتسبب فيه ، فإن تعمد الكذب فيها فعليه وزر مداولتها وفي الحديث الصحيح الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فكم نُشرت من إشاعة فيها ترويع للمسلمين وإفزاع لهم لم يتحقق صاحبها من خبره وإن كانت نيته في تنبيه الناس حسنة فإنه ملوم على تسرعه وليس كل من أراد الحق يدركه ، فكم أقلقت الاشاعة من أبرياء وحطمت من عظماء وهدمت من وشائج وفككت من علاقات وصداقات .نعم عباد الله كم نُشرت عبر هذه الرسائل من بدعة ورُوّج لها بل وتُوّعد من لم ينشرها بكذا وكذا وفي هذا يقول الله تعالى : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } .وكم جاءت الرسائل بأحاديث مكذوبة أو ضعيفة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أرسلها من أرسلها بُغية الفضل والثواب إلا أنهم أخطأوا فجانبوا الصواب أفلا سألوا عن درجة الحديث قبل أن يبثوه في الناس أفلا ألقوه على أهل العلم ليميزوه .
أمــــــة الاســـــــلام :
إن من أعظم الظلم وأكبر الكبائر إشاعة الفواحش بين الناس عن طريق هذه الرسائل ، إتهام الناس أو تناقل سقطاتهم وزلاتهم ومن تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله .وكم من صورة محرمة أو أخبار فاضحة تناقلها المرسلون ناسين أو متناسين قوله تعالى : { إن الله كان على كل شيء رقيبا } أولئك الذين لم يكتفوا بتحميل أنفسهم الضعيفة ما لا تحتمل من الاوزار والذنوب فأضافوا لذلك نشر السوء بين الاخرين . فإلى من يرسل عبر جهازه ما يهتك الاستار ويزيغ الفتن ويشيع الفاحشة اعلم أن أوزار الناضرين لها تعود إليك إن لم تتب إلى الله تعالى وتحسن ما صنعته في الماضي يقول عليه الصلاة والسلام : " ومن دعا الى ضلالة كان عليه من الآثام مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا " وقال الله تعالى { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون } .ويالله كم من حيٍّ سيغدوا الى قبره يوما وفوق الارض سوءه الذي نشره وأرسله ، تأتيه حسراتها وهو في قبره وعليه وزرها يوم نشره .فينبغي علينا جميعا عباد الله التعاون لإقامة شعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق من خلال هذه الرسائل وليكن أول من تبادره النصيحة من يرسل إليك رسالة فيها محذور شرعي أو اظهار فتنة أو خبر غير موثق وفي هذا يقول النبي صلِ الله عليه وسلم " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان " .بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيها من الايات والاحكام .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر على توفيقه و امتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه .
أما بعـــــــــــــد عبـــــــــــاد الله :
ومن آفات الرسائل السخرية على الاقوام والبلدان والقبائل وفي ذلك يقول الله تعالى : { يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاؤلئك هم الظالمون } ، 
وهذه الرسائل أو ما تسمى بالنكتة جُلها قائم على الكذب والافتراء وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام : " ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له "
إخــــــــوة الاســــــــــلام :
إن كانت الرسائل كلفتها قليلة أو مجانية فتذكر أنها ليست مجانية عند الله{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } . إن الكلمات التي تُكتب وتنقل وتسري في الناس إنها عند الله { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } وقال ايضا : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا } . فأوصيكم ونفسي باستغلال هذه الرسائل لتكون سهم في الدعوة الى اللهفكما أنّ فيها الشر ففيها الخير الكثير تقديم نصيحة أو تذكير بسنة أو تحذير من معصية .قال تعالى : { ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } .
{ واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون }
{ وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكم