¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ مدونة إسلامية للسيد* مصطفى عماد بن الشيخ الحسين * تالمست المغرب
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

2018/09/24

خطبة الجمعة الجَنَّةُ والنَّار

Print Friendly and PDF
بسم الله الرحمان الرحيم
الخطبة الاولى
الحَمْدُ للهِ الْمُبْدِئِ الْمُعِيد، الْغَنِيِّ الحَمِيد ذِي العَفْوِ الواسِعِ والعِقابِ الشَّدِيد، مَنْ هَداهُ فَهُوَ السَّعِيدُ السَّدِيد، ومَنْ أَضَلَّهُ فَهُوَ الطَّرِيدُ البَعِيد، ومَنْ أَرْشَدَهُ إِلى سَبِيلِ النَّجاةِ وَوَفَقَهُ فَهُوَالرَّشِيد، يَعْلَمُ ما ظَهَرَ وما بَطَن وما خَفِيَ وما عَلَن وهُوَ أَقْرَبُ إِلى كُلِّ مُرِيدٍ مِنْ حَبْلِ الوَرِيد، قَسَّمَ الخَلْقَ قِسْمَيْن، وجَعَلَ لَهُمْ مَنْزِلَتَيْن، فَرِيقٌ في الجَنَّةِ وفَرِيقٌ في السَّعِير، ورَغَّبَ في ثَوابِه، ورَهَّبَ مِنْ عِقابِه وللهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ فَمَنْ عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفْسِهِ ومَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيد، وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ البَشِيرِ النَّذِير وعَلى ألِهِ وأَصْحابِهِ الطَّيِّبِينَ الطّاهِرِين، أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الفَائِزُونَ ٢٠﴾(سورة الحشر).
إِخْوَةَ الإِيمانِ إِنَّ الذَّكِيَّ الفَطِنَ مَنْ تَزَوَّدَ مِنْ دُنْياهُ لآِخِرَتِهِ ولَمْ يَبِعْ أخِرَتَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيا، فَالنّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ قِسْمٌ إِلى الجَنَّةِ وقِسْمٌ إِلى النّارِ فَهُما دارانِ ما لِلنَّاسِ غَيْرُهُما فانْظُرْ يا أَخِي ماذا تَخْتارُ لِنَفْسِكَ، فَالجَنَّةُ أُعِدَّتْ لِلْمُؤْمِنِينَ والنّارُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ولا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وأَصْحابُ الجَنَّةِ، طَعامُ أَهْلِ الجَنَّةِ كَما قالَ تَعالى ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ٢٠ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ٢١﴾(سورة الواقعة). وكما قال عَزَّ وجَلَّ ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ٢٣ كُلُواْ وَٱشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤﴾ (سورة الحاقة) أَمّا طَعامُ أَهْلِ النّارِ فَكَما قالَ تَعالى ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ٦ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ ٧﴾(سورة الغاشية) وَالضَّرِيعُ شَجَرٌ كَرِيهُ الْمَنْظَرِ كَرِيهُ الرّائِحَةِ وثَمَرُهُ كَرِيهُ الطَّعْمِ وكَما قالَ تَعالى ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ٤٣ طَعَامُ الأَثِيمِ ٤٤ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي البُطُونِ ٤٥ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ٤٦﴾ وكَما قالَ تَعالى﴿وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ ٣٦ لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ ٣٧﴾(سورة الحاقة).
إِخْوَةَ الإِيمانِ لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وأَصْحابُ الجَنَّةِ ولا يَسْتَوِي شَرابُ أَهْلِ الجَنَّةِ وشَرابُ أَهْلِ النّارِ فَأَمّا أَهْلُ الجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ يُسْقَوْنَ مِنَ الرَّحِيقِ وهِيَ عَيْنٌ في الجَنَّةِ مَشوبَةٌ بِالْمِسْكِ بِإِناءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ بِالْمِسْكِ ومَمْزُوجٍ فِيهِ مِنْ تَسْنِيمٍ وهِيَ عَيْنٌ في الجَنَّةِ رَفِيعَةُ القَدْرِ قالَ تَعالى ﴿يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ ٢٥خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ٢٦ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ ٢٧ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ٢٨﴾(سورة المطففين) وأَمّا أَهْلُ النّارِفَشَرابُهُم الْماءُ الْمُتَناهِي في الحَرارَةِ قالَ تَعالى﴿لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا ٢٤ إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ٢٥﴾(سورة النبأ) والحَمِيمُ هُوَ الشَّرابُ الْمُتَناهِي في الحَرارَةِ والغَسَّاقُ ما يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النّارِ تَسْقِيهِمْ إِيّاهُ مَلائِكَةُ العَذابِ فَتَتَقَطَّعُ أَمْعاؤُهُمْ قالَ تَعالى ﴿وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ٢٩﴾(سورة الكهف).
الخطبة الثانية
إِخْوَةَ الإِيمانِ ولا يَسْتَوِي لِباسُ أَهْلِ الجَنَّةِ ولِباسُ أَهْلِ النّارِ فَأَمّا أَهْلُ الجَنَّةِ فَثِيابُهُمُ الحَرِيرُ والسُّنْدُسُ والإِسْتَبْرَقُ قالَ تَعالى﴿عالِيَهُمْ﴾ أَيْ فَوْقَهُمْ ﴿ثِيَابُ سُندُسٍ﴾ أَيِ الثِّيابُ الرَّقِيقَةُ مِنَ الدِّيباجِ وهُوَ الحَرِيرُ ﴿خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾وهُوَ ما غَلُظَ مِنَ الدِّيباجِ﴿وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ٢١﴾(سورة الإنسان) وأَمّا أَهْلُ النّارِ فَثِيابُهُمْ مِنْ نارٍ قالَ تَعالى ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ١٩﴾(سورة الحج).
إِخْوَةَ الإِيمانِ لا تَسْتَوِي هَيْئَةُ أَهْلِ الجَنَّةِ وهَيْئَةُ أَهْلِ النّارِ، فَأَمّا أَهْلُ الجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ عَلى صُورَةِ أَبِيهِمْ أدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ سِتُّونَ ذِراعًا طُولاً في عَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ حِسانُ الوُجُوهِ يُشْبِهُونَ يُوسُفَ الصِّدِّيقَ في الجَمالِ وأَمَّا أَهْلُ النّارِ فَإِنَّ اللهَ يَزِيدُ في أَحْجامِهِمْ لِيَزْدادُوا عَذابًا حَتَّى يَكُونَ ضِرْسُ الكافِرِ يَوْمَ القِيامَةِ كَجَبَلِ أُحُدٍ وما بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيّامٍ وكُلَّما أَنْضَجَتْ جُلُودَهُمُ النّارُ كُسُوا جُلُودًا غَيْرَها قالَ تَعالى ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا العَذَابَ ٥٦﴾ (سورة النساء).
إِخْوَةَ الإِيمانِ قالَ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى عَنْ أَصْحابِ النّارِ﴿إِذَا أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ٧﴾(سورة الملك) فَإِنَّ الكُفّارَ إِذا أُلْقُوا في جَهَنَّمَ طُرِحُوا فِيها كَما يُطْرَحُ الحَطَبُ في النّارِ العَظِيمَةِ فَيَسْمَعُونَ لِجَهَنَّمَ شَهِيقًا صَوْتًا شَدِيدًا مُنْكَرًا كَصَوْتِ الحِمارِ لِشِدَّةِ تَوَقُّدِها وغَلَيانِها وأَمّا أَهْلُ الجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ لا يَسْمَعُونَ فِيها باطِلاً ولا مَأْثَمًا ولا ما يُزْعِجُهُمْ قالَ تَعالى ﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلاَ تَأْثِيمًا ٢٥ إِلاَّ قِيلاً سَلاَمًا سَلاَمًا ٢٦﴾(سورة الواقعة).
إِخْوَةَ الإِيمانِ لِيُحَاسِبْ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ وَلْيَنْظُرْ هَلْ أَعَدَّ الزّادَ لِيَوْمِ الْمَعادِ لِيَكُونَ مِنَ الَّذِينَ وَرَدَ فِيهِمْ ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ٨ لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ٩ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ١٠ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً ١١ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ١٢ فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ١٣ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ١٤ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ١٥ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ١٦﴾(سورة الغاشية) وخَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ وَرَدَ فِيهِمْ ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ٢عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ٣ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ٤ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ ءَانِيَةٍ ٥ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ٦ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ ٧﴾.
اَلْمَوْتُ بابٌ وكُلُّ النَاسِ داخِلُهُ  ***  فَلَيْتَ شِعْرِيَ بَعْدَ البابِ ما الدّارُ
الدّارُ جَنَّةُ عَدْنٍ إِنْ عَمِلْتَ بِما يُرْضِي  ***  الإِلَهَ وإِنْ فَرَّطْــــتَ فَالنَّـــــــــــارُ
هُمـا مَصِيرانِ ما لِلْمَرْءِ غَيْرُهُمــــــــــا  ***  فَانْظُرْ لِنَفْسِـــــــــــــكَ ماذا أَنْتَ تَخْتارُ
فَانْظُرْ أَخِي الْمُسْلِمَ ماذا أَعْدَدْتَ ولِأَيِّ دارٍ تَهَيَّأْتَ فَلَيْسَ في الآخِرَةِ دارٌ إِلَّا جَنَّةٌ أَونارٌ ولا يَسْتَوِي أَصْحابُ الجَنَّةِ وأَصْحابُ النّارِ وقِ نَفْسَكَ وأَهْلَكَ النارَ بِتَعَلُّمِ ما افْتَرَضَ اللهُ عِلْمَهُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ وأَدِّ ما افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكَ وَاجْتَنِبْ ما نَهاكَ عَنْهُ لِتَسْلَمَ في الآخِرَةِ مِن نارٍ وَقُودُها النّاسُ والحِجارَةُ فَقَدْ قالَ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ٦﴾ أَجارَنِي اللهُ وإِيّاكُمْ مِنَ النّار.
هَذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكم