¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ مدونة إسلامية للسيد* مصطفى عماد بن الشيخ الحسين * تالمست المغرب
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

2019/06/28

خطبة عيد الأضحى المبارك

Print Friendly and PDF

حِكمُ وأحكامُ الأضاحي

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
الله أكبر ما تحركت القلوبُ شوقًا إلى بيتِ الله الحرام
الله أكبر ما لبسَ الحجيجُ ثيابَ الإحرام.
الله أكبر ما ضجُّوا بالتلبيةِ طاعةً للملكِ القدوسِ السَّلام
الله أكبر ما طافوا بالبيتِ وصلَّوا خلفَ المقام
الله أكبر ما سَعوْا بين الصفا والمروةِ، وذكروا الملكَ العلَّام
الله أكبر ما وقفوا بعرفةَ، وباتوا بمزدلفةَ، وذكروا اللهَ عند المشعرِ الحرام
الله أكبر ما رمَوْا ونحروا وحلَقوا رؤوسَهم، وأفاضوا إلى البيتِ الحرام
الله أكبر ما اجتمعَ المسلمون في هذا اليوم الذي هو أشرفُ الأيام
الله أكبر ما صلّوا ونحروا، وشكروا اللهَ على نعمةِ الإسلام
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
الله أكبر  كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلا
نحمدُه سبحانه على ما هدانا للإسلام، وعلمنا الحكمةَ والقرآن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له ذو الجلالِ والإكرام، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه أفضلُ مَن تعبَّد لله وصلَّى وصام، وحجَّ البيتَ الحرام، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه البررةِ الكِرام، ومَن تبعَهم بإحسانٍ ما تعاقبتِ الأيام.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر المسلمين: إنَّ يومَكم هذا يومٌ عظيمٌ، هو يومُ الحجِّ الأكبر، وعيدُ الأضحى والنَّحرِ، يؤدي فيه الحجاجُ معظمَ مناسكهم، مِن رمي الجمارِ، وذبحِ الهدايا، والحلقِ أو التقصير، والطَّوافِ بالبيتِ العتيق، والسعي بين الصفا والمروة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ»، رواه أبو داود(1).
فهو يومٌ مباركٌ عظيمٌ، يعتقُ اللهُ فيه مِن النَّار مَن وقفَ بعرفة، ومَن لم يقف بها، قال صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»، رواه مسلم(2).
ولهذا صار هذا اليوم عيدًا لعمومِ المسلمين، فشُرِعَ للجميعِ التَّقربُ إلى اللهِ فيه بإراقةِ دماءِ القرابين؛ وقد أمرَ سبحانه وتعالى رسولَه أن يجعلَ شكرَه على إعطائه الكوثرَ أن يُصلي لربه وينحَر، قال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر]، فالمسلمون يُشاركون إخوانَهم الحجيجَ في بعضِ مناسكِهم، وهم في بلادِهم، وإن لم يكونوا معه في رحالِهم.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
معاشر المسلمين: لما كان عيدُ النحر أفضلَ العيدين لأهلِ الإسلامِ، وأكبرَهما، فهو عيدٌ يجتمعُ فيه شرفُ الزمانِ والمكان لأهلِ الموسمِ، كانت له أعيادٌ قبله وأعيادٌ بعده، فقبله يومُ عرفة، وبعده أيامُ التشريق، التي قال عنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَذِكْرِ اللهِ عز وجل»، رواه مسلم(3)، فكبِّروا - رحمكم الله - عقيب الصلوات المكتوبات في هذه الأيام المباركات.
معاشر المسلمين: هذا يومٌ يفرحُ فيه المؤمنون الصادقون لما قدَّموه مِن أعمالٍ صالحةٍ في أعظمِ أيامِ الدنيا، في الأيام التي قال عنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ»، يعني أيَّامَ العَشْرِ. قالُوا: يا رسولَ اللهِ، وَلَا الجِهادُ فِي سبيلِ اللهِ؟ قال: «وَلَا الْـجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلّاَ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»، رواه البخاري(4).
فطوبى للعاملين! في يومٍ تدنو فيه الشمسُ مِن رؤوس العالمين، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء].
عباد الله: في هذه الأيام تُذبحُ الضحايا، ويوسَّعُ على الفقراء والأرامل واليتامى، فاذبحوا ضحاياكم طيبةً بها نفوسكم، منشرحةً بها صدروكم، واعتبروا- رحمكم الله- هذه الضحايا مطايا إلى ربِّ البرايا، اذبحوها باسم الله بعد صلاةِ العيد، فمَن ذبحَها قبل صلاةِ العيد فهي شاةُ لحمٍ لا تُجزئ، والأفضل الانتظار حتى يفرغ الإمامُ من الخطبتين، واعلموا - رحمكم الله- أنَّ الذبحَ يمتدُ وقتُه إلى آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر.
والسُّنةُ أن يأكلَ الرجلُ مِن أضحيتِه، ويتصدَّق ويُهدِي، قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج]، ولكم أن تتزودوا منها وتدخروا، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا»، رواه الشيخان(5).
والأفضلُ للمسلم أن يتولَّى ذبْحَ أضحيتِه بنفسه إن كان يُحسنُ الذبحَ، وإلَّا فليَحضرها، وإن ذُبِحت عنه وهو غائبٌ فلا بأس، ويُسمِّيها الذابحُ عند الذبحِ، فيقولُ إذا أضجعَها: «بِسْمِ اللهِ واللهُ أكبر، اللهم هذا مِنكَ ولك، اللهمَّ هذه عَن فلانٍ أو فلانَة»، وإن لم ينطق بلسانِه واكتفى بنيتِه بقلبِه أجزأ ذلك، ولكن النُّطقَ باسم مَن هي له أفضل؛ اتِّباعًا لسُنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وإذا عجزتَ عن الأضحيةِ - يا عبد الله- فإنَّ نبيَّكَ صلى الله عليه وسلم قد ضحَّى عنك، وهو الرؤوف الرَّحيم بالمؤمنين، جزاه اللهُ تعالى خيرًا عن أمتِه، فقد ضحَّى صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، أحدهما عن نفسِه وأهله، والآخر عن مَن لم يُضحِ مِن أمتِه.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بكبْشٍ فذبحهُ بيده وقال: «بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي، وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي»(6).
وإذا اقترضَ العاجِزُ عن الأضحيةِ ليُضحي عنه وأهلِ بيتِه فذاك حسن، إقامةً لهذه الشعيرةِ إن كان له وفاءٌ قريبٌ وإلَّا فلا يُكلِّف نفسَه. وأفضل هذه الأيامِ للنحرِ يومكم هذا، ويجوزُ الذبحُ ليلا ونهارًا، وفي النهارِ أفضل.
عباد الله: الأضحيةُ تُربي في المسلم خُلقَ التضحيةِ لله وحدَه، فهل نُضحي  بالشهوات والملذات ابتغاءَ جنةٍ عرضُها الأرض والسموات؟ هل نُضحي بما يفنى لما يبقى؟ كما ضحَّى المسلمون الأوائل بأموالِهم في سبيل الله، وضحّوا بأرواحِهم رخيصةً في سبيلِ الله، وضحّوا براحتِهم طمعًا فيما عند الله.
هذا أبو الأنبياء إبراهيمُ الخليلُ عليه السلام يهِمُّ بذبحِ ولدِه إسماعيل طاعةً للملكِ الجليل، {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب] ، ألَا، وإنَّ مِن ذِكْر الله: قراءةُ القرآن، والدعوةُ إلى الله تعالى، والأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكر، والإصلاحِ بين الناسِ، وكلُّ كَلِمٍ طيبٍ.
هذا اليومُ- يا عباد الله- يومُ التصافي والوئامِ، هذا يومُ إفشاءِ السَّلامِ، هذا يومُ صِلةِ الأرحام، هذا يومٌ يُتناسى فيه الشقاقُ والخصام، هذا يومُ إطعام الطعام، وما أحسن ما يفعلُه كثيرٌ مِن الناسِ في هذا اليومِ مِن الاجتماعِ على الطعامِ، فإنَّه أمرٌ مُستحبٌ وعملٌ حسنٌ.
قال شيخُ الإسلامِ رحمه الله: «جمْعُ النَّاسِ للطعام في العيدين وأيامِ التشريق سُنةٌ، وهو مِن شعائرِ الإسلامِ التي سنَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين»(7).
فهنيئا لمن اطعمَ اليومَ جائعًا.
وهنيئا لمن كسَا عاريًا.
وهنيئا لمن واسَى مكلومًا.
وهنيئا لمن عادَ مريضًا.
عباد الله: اعمروا أوقاتَكم الشريفةَ بشُكْرِ المُنعمِ على نعمِه الغزيرة، ولا تصرفوا أعمارَكم في معصيةِ الكريمِ الوهاب فيُسحتَكم بعذاب.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
بارك اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإيَّاكم بما فيه مِن الآياتِ والذِّكْرِ الحكيم. أقولُ ما تسمعون، واستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين مِن كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، الداعي إلى رضوانِه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وإخوانِه، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين وسلَّم تسليمًا. أما بعد:
معاشر المسلمين: في مثل هذا اليوم، وقف النبيُّ صلى الله عليه وسلم خطيبًا في مجمع الحجيج بمنى، فقال: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، فسكَتَ حَتَّى ظننَّا أنَّه سَيُسَمِّيه بغيرِ اسمِه، قال: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلنا: بلى، قال: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، فسكتَ حتى ظننَّا أنه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسمِه، فقال: « أَلَيْسَ ذُو الْـحَجَّةِ؟»، قُلنا: بلى، قال: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟»، قُلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، فسكتَ حتى ظننَّا أنَّه سَيُسَمِّيهِ بغيرِ اسمِه، قال: «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْـحَرَامِ؟»، قُلنا: بلى، قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟»، قالوا: نعم، قال: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»، رواه البخاري(8).
فصلواتُ الله وسلامُه وبركاتُه على هذا النبي الكريم، فقد بلَّغَ البلاغَ المبين، وجاهدَ في الله حتى أتاه اليقين.
فاتقوا اللهَ – أيها المؤمنون -، وعظِّموا حُرماتِه وشعائره، فإنَّ ذلك مِن تقوى القلوب، وأروا اللهَ مِن أنفسِكم خيرًا، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
معاشر المسلمين والمسلمات: أشرفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على أُطُمٍ مِن آطَامِ المدينةِ ، فقال: «هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى ؟» قالوا: لا، قال: «فَإِنِّي لأَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْرِ»(9).
ألا، وإنَّ مِن أشد الفتن خطرًا، وأعظمها أثرًا، تلكم الفتنة التي خافها صلى الله عليه وسلم على أُمَّته مِن بعده، حيث يقول: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» (10)؛ لذلك أجلَبَ عليها أعداؤها، وتفنَّنوا في عواملِ الإغراء، ونَزْعِ الحجابِ والحياءِ، بأساليبَ شيطانيةٍ، وحيلٍ إبليسيةٍ، يضحكُ منها الشيطان، وتقشعرُ لها الأبدان، ويأسى لها أهلُ الإيمان، مما لم يكن بالحسبان، ولا يخطر على قلب إنسان، إنها «قضيةُ اختلاطِ الفتيات بالذُّكران»، فالله المستعان.
قال الإمامُ ابن القيم رحمه الله: «ولا ريبَ أنَّ تمكينَ النساءِ من اختلاطِهنَ بالرجالِ  أصلُ كلِ بليةٍ وشَرِ، وهُو مِنْ أعظمِ نُزولِ العقوباتِ العامةِ، كما أنّه مِن أسبابِ فَسادِ أمور العامةِ والخاصةِ، واختلاطُ الرِّجالِِ بالنساء سببٌ لكثرةِ الفواحشِ والزنا، وهو منْ أسبابِ الموتِ العَام والطواعينِ المتصلةِ»(11).
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
اللهم إنَّ عبادَك هؤلاء خرجوا إليك وابتكروا، وتعرَّضوا لنفحات جودِك وانتظروا، اللهم فلا تخيِّب أمالَهم، ولا تحرمهم رغباتِهم، اللهم اقض دينَهم، واشف مريضَهم، وأعن فقيرَهم، وعافِ مبتلاهم، ورُدَّ غائبَهم، واجبر كسيرَهم، وجُد على مُعسرهم، وارحم موتاهم، وألِّف بين قلوبِهم.
اللهم وكما قضيتَ علينا بحكمتِك أن نتخلفَ عن حُجاجِ بيتك الحرام، فاشملنا معهم بالمغفرةِ والعتق مِن النَّار، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران] ، {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة] ، {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات].
ــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود في المناسك، باب من نحر الهدى بيده واستعان بغيره، رقم (1765)، وصححه الألباني.
(2) رواه مسلم في الصيام، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة، رقم (1162).
(3) رواه مسلم في الصيام، باب تحريم صوم أيام التشريق، رقم (1141).
(4) رواه البخاري في العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق، رقم (969)، ورواه أبو داود، واللفظ له، في الصيام، باب في صوم العشر، رقم (2438).
(5) رواه البخاري في الحج، باب ما يأكل من البدن وما يتصدق، رقم (1719)، ورواه  مسلم، واللفظ له، في الأضاحي، بيان ما كان من النهى عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء، رقم (1972).
(6) رواه أبو داود في الضحايا، باب في الشاة يضحى بها عن جماعة، رقم (2810)، ورواه الترمذي في الأضاحي، باب، رقم (1521)، وصحَّحه الألباني.
(7) مجموع الفتاوى: 25/298.
(8) رواه البخاري في الحج، باب الخطبة أيام منى، رقم (1741).
(9) حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: رواه البخاري في الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ويلٌ للعربِ، مِن شرٍّ قد اقترب»، رقم (7060)، ورواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب نزول الفتن كمواقع القطر، رقم (2885).
(10) حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه: رواه البخاري في النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، رقم (5096)، ورواه مسلم في الذكر والدعاء، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء، وبيان الفتنة بالنساء، رقم (2740).
(11) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص: 724.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكم