¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤ مدونة إسلامية للسيد* مصطفى عماد بن الشيخ الحسين * تالمست المغرب
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

2018/12/29

آداب زيارة المريض

Print Friendly and PDF
الخطبة الأولى
ان الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " أَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضلالة و كل ضلالة في النار
عباد الله
الخير في الإسلام ينتظم كل وجوه البر، ويشمل كل عمل صالح، ويتناول كل خلق كريم، طاعةً لله عزَّ وجلَّ، وحباً في الفضائل في إخلاصٍ وصدقٍ حسنٍ.
ففي الحديث قولٌ جميلٌ، وفي البلاء صبرٌ جميلٌ، وعند الخلاف صفحٌ جميلٌ.
أقوالٌ وأفعالٌ تغرس المحبة، وتورث المودة، وتوثق الروابط، نجدةٌ وإغاثة، وتراحمٌ وملاطفةٌ، وإخلاصٌ ووفاءٌ، مشاركةٌ في السراء، ومواساة في الضراء، كل ذلك من توجيهات الإسلام، ونواميس الأخلاق.
أيها الإخوة،
ويتجلى صفاء الدين، وتظهر محاسن الشريعة، أكثر ما تتجلى في خلقٍ كريمٍ، وسلوكٍ مستقيم، ينتهجه المسلم مع إخوانه، القريب منهم والبعيد.
إنها أخلاقٌ كريمة، ولكنها في ذات الوقت حقوقٌ محفوظة، عُني الإسلام بها وحثَّ عليها، ودعا إليها، ورسم منهاجها، وأوضح آدابها.
وفي مثل ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: ((حق المسلم على المسلم ستٌ)) قيل: ما هنَّ يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلِّم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمِّتْه، وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتبعه))
ولقد كان من أدب السلف ـ رضوان الله عليهم ـ إذا فقدوا أحداً من إخوانهم سألوا عنه، فإن كان غائباً دعوا له، وخلفوه خيراً في أهله، وإن كان حاضراً زاروه، وإن كان مريضاً عادوه.

وفي عيادة المريض ـ أيها الإخوة ـ يتجلى سموُّ الخلق، وحفظ الحق حين يكون أخوك في حالةٍ من العجز، وانقطاعٍ عن مشاركة الأصحاب، حبيس المرض، وقعيد الفراش.
في عيادة المريض إيناسٌ للقلب، وإزالة للوحشة، وتخفيفٌ من الألم، وتسليةٌ للنفس والأقارب.
وفي توجيهات المصطفى حثٌّ عظيمٌ على حفظ هذا الحق، والالتزام بهذا الخلق، ومراعاة آدابه.
أخرج الإمام أحمد ومسلمٌ عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي قال: ((إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرفة الجنة حتى يرجع)) قيل: يا رسول الله، وما خُرفة الجنة؟ قال: ((جناها)) أي: ثمارها.
وفي حديث قدسي يقول الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة: ((يا بن آدم مرضت فلم تعدني. قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟)).
و((ما من مسلم يعود مسلماً غدوةً، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريفٌ في الجنة)).
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((من عاد مريضاً ناداه منادٍ من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً)) أخرجه الترمذي وحسنه، وابن ماجه،

ومن أدب الزيارة أن يقف عند رأسه ويضع يده على جبينه أو على مكان الألم ويقول: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) فقد كان نبيكم محمد يفعل ذلك.
كما كان عليه الصلاة والسلام يرشد إلى ما يتعوذ به من الألم. يقول عثمان بن أبي العاص الثقفي قدمت على النبي وبي وجع قد كان يبطلني فقال لي النبي : ((اجعل يدك اليمنى عليه وقل: بسم الله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. سبع مرات)) فقلت ذلك فشفاني الله.

وينبغي أن يجتهد له في الدعاء، ومما ورد في ذلك: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: ((من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض)).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشـف عبدك ينكأ لك عـدواً، أو يمشي لك إلى جنازة))، وفي رواية((صلاة)).
ويقول: ((اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً)).
وقد عاد جبريل النبي وقال: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفسٍ أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك)) رواه مسلم من حديث أبي سعيد.

ومن الآداب المرعية: ألا يطيل الزيارة، ولا يثقل بكثرة المساءلة، وإطالة الحديث، ولا يذكر له ما يحزنه، أو يزيده وجعاً إلى وجعه، ولا يذكر صديقاً له بما يكره، أو عدواً له بما يحب، ولا يتحدث عن أهله وأولاده إلا بكل خير، رفقاً به وملاطفةً له.
وإن في الإطالة إثقالاً على المريض، ومنعاً له من تصرفاتٍ قد يحتاج إليها.
قال بعض الظرفاء لقوم عادوه في مرضه، فأطالوا الجلوس: المريض يعاد، والصحيح يزار.
ودخل رجلٌ على عمر بن عبد العزيز يعوده في مرضه فسأله عن علته فأخبره، فقال الزائر: إن هذه العلة ما شفي منها فلان، ومات منها فلان. فقال عمر: إذا عدت مريضاً فلا تنع إليه الموتى، وإذا خرجت عنا فلا تعد إلينا. ويقول سفيان الثوري: حماقة العائد أشر على المرضى من أمراضهم، يجيئون من غير وقتٍ، ويطيلون الجلوس.
وإذا كان المريض يحب تكرار الزيارة، ولا مشقة عليه فلا بأس، ومردُّ ذلك إلى الطبائع ومقتضيات الأحوال، وقد يأنس ببعضٍ من قريب أو صديق حميم، ويملُّ آخرين. وإذا طمع الزائر في شفاء المريض صبَّره وبشَّره، وساعده في التمريض وإحضار الطبيب، وفي قضاء حوائجه التي يعجز عن الوصول إليها، وطيَّب نفسه وسعى في إدخال السرور عليه، وفتح أبواب الأمل لديه.
وقد وصف الحسن رحمه الله المريض فقال: أما والله ما هو بِشَرِّ أيام المسلم، قورب أجله، وذكِّر فيه ما نسي من معاده، وكُفِّر فيه عن خطاياه.
وكان إذا دخل على مريض قد عوفي قال له: يا هذا، إن الله قد ذكَّرك فاذكره، وأقالك فاشكره.
فهذه الأسقام والبلايا كفاراتٌ للذنوب، ومواعظ للمؤمنين، يرجعون بها عن كل شرٍَ كانوا عليه.
ليس كل من مرض مات. وعُدَّ من ذلك قوله تعالى: أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ [التوبة:126].
وإذا يئس من حاله ذكَّره بالله، ورغَّبه فيما عنده، وحسَّن ظنه بربه، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه.
ومن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة، ويفتح له أبواب التوبة، واغتنام الوقت بالذكر والقراءة والتسبيح والاستغفار، وكل ما يقرب إليه، ويذكره بالوصية، فهي لا تقطع أجلاً، وإنما تحفظ بها الحقوق، وتقضى بها الديون، ويَتوصل بها أهل الحقوق إلىحقوقهم.

فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ واحفظوا لإخوانكم حقوقهم، قوموا بها على وجهها، راعوا آدابها، وحققوا مقاصدها، يعظمِ الأجر، ويصلحِ الشأن، ويفشُ الخير، وتَسُدِ المودة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله، ربط بين المؤمنين برابطة الإيمان، فكانوا إخوةً متحابين، يشد بعضهم بعضاً، كالمرصوص من البنيان. أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، سيد ولد عدنان، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد:
فاتقوا الله ـ معاشر المسلمين ـ واعلموا أن زيارة المريض مستحبةٌ، ولو كان مغمىً عليه، ((فقد زار النبي وأبو بكر – رضي الله عنه – جابر بن عبد الله، ووجداه مغمىً عليه))[1]، وفي مثل هذه الزيارة جبرٌ لخاطر أهله مع ما يرجى من إجابة الدعاء.
مرِض يحيى بن خالد فكان إسماعيل بن صبيح الكاتب إذا دخل عليه يعوده – وهو مغمىً عليه – وقف عند رأسه ودعا له ثم يخرج؛ فيسأل مرافقه عن منامه وشرابه وطعامه، فلما أفاق يحيى، قال: ما عادني في مرضي إلا إسماعيل بن صبيح.

ومما ينبه إليه في هذا المقام ـ أيها الأخوة ـ أن بعض الناس يثقلون على أنفسهم؛ فيحملون إلى المريض هدايا وغيرها، وقد يحملون أموراً من عادات غير أهل الإسلام، وهذا ليس من آداب الزيارة في شيء، بل هو تكلُّف ظاهر، ومجاملات ثقيلة، تقليد أعمى، وهو قد يدفع من لا قدرة لهم إلى التقاعس عن الزيارة الشرعية التي أمر الله بها ورسوله.
وحاجة المريض إلى الدعاء، والكلمات الطيبة، والملاحظات الرقيقة أولى من هذه المحمولات.
أما ما كان صدقةً لفقير، أو مساعدة لمحتاج، فهذا له شأن آخر لا ينبغي أن يكون مربوطاً بالزيارة أو شرطاً فيها.
فاتقوا الله؛ يرحمكم الله؛ والتزموا بهدي نبيكم محمد فهو أقوم هديٍ وأسلم نهجٍ.

هذا وصلّوا وسلّموا على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله النبيّ الأمّيّ.
اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين (3 مرات) وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين
اللهم تب على التائبين، واغفر ذنوب المذنبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، واغفر لنا ذنوبنا وخطايانا يا رب العالمين
. اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين, اللهم اجعله طهورًا لهم, وارفع منزلتهم, وأبدلهم من بعد المرض صحة, ومن بعد البلاء عافية.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكم